السيرة الذاتية..
أول عازفة خارج الدولة ضمن ”معرض إكسبو ميلانو“ في إيطاليا عام 2015، وأول إماراتية تعزف في يوم الموسيقى العالمي في المجمع الثقافي بأبوظبي عام 2000، ومصنفة كأول ملحنة للأوركسترا بألحان كاملة من تأليفها في المسرح الوطني وأول من لحن لحناً وطنياً بآلات عسكرية بعنوان ”الشهيد“.
أصدرت عدة كتب وهي: ”تفاحة إيمانيوتن“، ”جواز Suffer“، ”الضحكباء“، ”أنتَ تخدعك!“، ”في غمضة أين“، ”إيمانسترو“، كما شاركت في تأليف كتاب ”نوادر إدارية“.
حاصلة على ماجستير في فنون الاتصال والعلاقات العامة الاستراتيجية، وبكالوريوس في إدارة الموارد البشرية.
في رصيدها مقطوعات صنعتها بأنامل محترفة على آلة البيانو، حيث تدمج أنغام الآلات المختلفة بعفوية مطلقة، سرعان ما تخطف بها انتباه الحاضرين، وتخاطب قلوبهم وعقولهم معاً، عبر مؤلفات لا تخلو من حوارات الأفكار والنغم الحالم.
لم تدرس النوتة الموسيقية، ولكنها تعشق الألحان الفريدة وتعرفها وتعزف بروحها ومشاعرها قبل أصابعها، وقد استطاعت بمهارة المبدعين تكوين قاعدة واسعة من الشغوفين بأعمالها والمتابعين لتجربتها التي أهلتها لأن تعزف لها الأوركسترا الوطنية الإماراتية أعمالها المميزة.
مراحل ومحطات في الحياة الموسيقية..
لم تدرس الموسيقى في صغرها، ولم يكن أحدٌ من أفراد عائلتها موسيقيًا – على الرغم من أن الجيل الجديد به العديد من الموسيقيين – لكن الأسرة تميزت بالأدب والشعر والرسم، وفيهم شعراء كثيرون وليس من هواياتها الموسيقى.
قرأت إيمان ومارستْ وتعلّمت العزف ذاتيًا، ومرّت في طفولتها بعدة مراحل؛ فبعد أن رافقتها لعبة البيانو كل مكان، تطورت وعزفت الشارات الكرتونية على آلتها الصغيرة، وكان من حولها يُبدون إعجابهم وتعجبهم مما تقوم به، على الرغم أنها لم تجد أن هذا صعبًا عليها، تقول لِبلقيس: “ثم بدأت التلحين ولم أعلم بذلك؛ كنتُ أقوم بعمل مقطوعة ثم تُبدي أمي إعجابها بها، وتسألني عن ماهيتها وعن اسمها، فأقول لها لا أعلم يا أمي فهي ليست أغنية، وكنت اُسميها أنا 1 وأنا 2، وهكذا.. وعندما كبرتُ أصبحتُ اُسميّ مقطوعاتي بالحدث الذي عزفتها من أجله، فأصبح لكل مقطوعة اسم وحدث عُزفت لهُ”.
تتذكر إيمان أول مقطوعة قامت بعزفها في عمر الثمان أو التسع سنوات؛ فقد كانت تتعجب من الرسوم المتحركة كيف أنهم يقومون بالعزف بكلتا يديهم! فلأنها لم تدرس الموسيقى لم تعرف كيف تستخدم يديها الاثنتين في آنٍ واحد، فبدأت بعمل تقنية خاصة بها في العزف تقوم على تدريب عقلها، ولم تعلم في ذلك الوقت أن ما تفعله يسمى تلحينًا، فألفّت مقطوعة بسيطة مكونة من ثلاث نوتات، ومن هنا فهمت كيف يمكنها توزيع العزف على اليدين معًا، “لازلتُ أتذكر المقطوعة لأنني أُعلمها الآن لأبناء أختي، فهم لا يعرفون بعد كيف يدمجون يدهم اليسرى مع اليمنى في العزف، لذلك هي في ذاكرتي”.
الموسيقى بالنسبة لإيمان هي ما يُشكّلها، فالألحانُ تحيط بها من جميع الجهات، وتتخلل عقلها في كل الأوقات، فهي تعزفُ سماعيًا بواسطة أذنها، تشرح لنا ذلك فتقول: “لا أعتبر الموسيقى هواية بالنسبة لي فقد يعتبرها غيري هواية لكني لا أعتبرها كذلك، يقول الناس لي احترفيها! فأقول لهم كيف احترفها؟ فهي هويتي! وليست مهنتي، فأنا من الناحية الأكاديمية انهيتُ دراسة البكالوريوس والماجستير وأفكر في الدكتوراة حاليًا، ولكن لا يعني أنني مهما وصلتُ في المستوى الأكاديمي أن لا تكون معي هويتي الموسيقية… يقولون لي، هل ستتوقفين عن العزف؟ فأجيبهم: أن أمنع نفسي عن العزف الآن وأمسكِ يدي عن البيانو فهذا من اختياري، أما أن أمنع عقلي عن التفكير بلحنٍ ما، فهذا لا يمكن! فأنا أسمعُ الألحان في رأسي طوال الوقت، تأتيني وأنا أقود السيارة وأنا في اجتماعات العمل وفي المستشفى، فهي ذات أوقاتٍ غريبة.. الموسيقى بداخلي وفي أي وقت يُعزف اللحنُ في رأسي، وهذا ما لا يمكنني التحكم به”.
لدى إيمان آليتها التي تعتمدها في صنع الألحان؛ فإمّا أن تكون في المنزل أمام البيانو واللحنُ في رأسها غير مكتمل، فقط عبارة عن جمل موسيقية كأبياتِ الشعر تعمل على إكمالها، وأحيانًا أخرى تعلقُ الموسيقى برأسها في مكانٍ لا يوجد به بيانو، فتقوم بتسجيل اللحنِ على هاتفها المحمول عن طريق الغناء، لتعزفهُ عندما تصل إلى المنزل، “وتكون طبقة صوتي غير مطابقة للّحن، فأحاول أن آتي باللحن الصحيح، أو أجد أخرًا شبيها له” تقول إيمان.
مثّلت الهاشمي الإمارات في العديد من المحافل، على سبيل المثال لا الحصر في إيطاليا في إكسبو ميلانو 2015، وهي أول إماراتية تعزف في متحف اللوفر في أبو ظبي، وعزفت ألحانها في بلدان الخليج مثل الكويت، وأوروبا مثل سويسرا وصربيا وروسيا وغيرها.
من التجارب الموسيقية التي مرّت بها هي تجربة العزف مع أطفال التوحد؛ فقد اختبرت إيمان الهاشمي في هذه التجربة الكثير من المشاعر الصادقة وشعرت بالكثير من الحب من قِبل أولئك الأطفال، فلم تتوقع ذلك خصوصًا مع عدم تجاوب بعضٌ منهم معها بسبب اختلاف حالاتهم.
لا تجد إيمان لحنًا مفضًلا لها عن الآخر؛ وتصفُ نفسها: “أنا أمٌّ لألحاني!”، فكلّ لحنٍ عزفتهُ هو مِلكٌ لقلبها ولا تستطيع أن تفضله عن غيره، فكما تحب الأمُّ جميع أطفالها بمختلف أذواقهم واختلافاتهم، فهي كذلك تحب ألحانها جميعًا، تقول: “كلُّ موسيقى أعزفها لها سببٌ أو حدثٌ لولادتها؛ فقد أحبُّ اليوم السماع لهذه المقطوعة ومرّة أخرى استمع لغيرها على حسب مزاجي، فكما تجلس الأمُّ مع ابنها الذي يلقي النِكات إن رغبت في الضحك، فإنها أيضًا تذهبُ إلى ابنها الذوّاقة إن رغبت أن تأكل طعامًا مميزًا”.
وبما أنّ لها طريقتها الخاصة في الموسيقى فهي تتعامل بطريقة مختلفة أيضًا مع التعليقات السلبية والإيجابية، فمنَ الكلمات ما يسعدها ويدفعها للأمام لتقدم أفضل ما لديها، ومنها ما يجعلها تُفكر بالمنطق والعقل، فما كان صحيحًا شكرت صاحبه، وما كان مبالغًا فيه تجاهلته تمامًا.
تحكي إيمان لبلقيس موقفًا حدث في صغرها حول ذلك فتقول: “في نهاية التسعينات عندما كنتُ في المدرسة، عزفتُ في المجمّع الثقافي، وقابلتني سيدة قالت لي: لن تتمكني من العزف لأن يدكِ صغيرة ولن تستطيعي الوصول إلى جميع مفاتيح البيانو! وهذا حقيقي فأنا فعلًا صغيرة اليدين وهناك مقطوعات لا أستطيع عزفها لأنني لا يمكنني الوصول لأماكن معينة في البيانو، لكن بعد سنوات في 2015 كان لديّ حفلة فوجدتُ هذه السيدة من جديد، لكنها تخبرني هذه المرة كم كان عزفي جميلًا ومميزًا، فقلتُ لها أنا أعرفكِ جيدًا، لقد اكتشفتُ أن يدايَّ صغيرتين فعلًا، فالمقطوعات التي لا أستطيع عزفها، أصنع غيرها لنفسي.. لقد أصبحتُ مُلحّنة الآن”!
تصف إيمان نفسها بأنّها شخصية دائمة المحاولة وباحثة عن التجديد، وتعمل على تصحيح أخطائها بصورة مستمرة، وتحاول أن ترتقي وتطور من ذاتها وتنافس نفسها، ولا تكتفي عند الوصول للأفضل، لذا عندما طلبنا منها كلمة لمن أراد تعلّم الموسيقى، نصحتنا بأن من أراد شيئًا عليه أن يذهب إليه بنفسه، فيتأكد أولًا من رغبته في تعلّم الموسيقى، وشغفه سواءً كان في البيانو أو آلة أخرى، وأكملت تقول: “كمن يريد الالتزام بحمية غذائية عليه أن يكون متأكدًا هل سيكون ملتزمًا أم سيظل جائعًا في الغد، لأن النفس البشرية عليها أن تقاوم التحديات في الحياة بصعوبة حتى تصل لهدفها، فالوصولُ لا يكون بالسهولة التي نتخيلها، فلابد أن تكوني مستعدة في البداية من الداخل ثم تبدأي مشواركِ الألف ميل من الخطوة الأولى، فتقرئينَ الكتب وتشاهدينَ مقاطع الفيديو.. الآن في العصر الحديث كل شيء أصبح متاحًا وسهلًا؛ فيمكن للشخص الدراسة في أحدث الجامعات والمعاهد من المنزل ولم تعد هذه معضلة، فالإرادة والرغبة هي المهمة لأنها من ستجعلكِ تفعلين ما تريدين.. ثم تسيرينَ في طريقكِ وتسعينَ في مشواركِ دون أن تحسبي الوقت المستغرق، ولا يصيبكِ الإحباط، فكلُّ شخصٍ له قدراتٌ معينة.. فلا تتوقفي لأنه أصابتكِ خيبة أمل.. الموسيقى هي الأمل فكيف يكون هناك يأس”!
ترى الهاشمي أن سبب قلة الشابّات الخليجيات في هذا المجال يعود إلى عدة عوامل منها الديني والاجتماعي؛ وبغض النظر عن التحديات فإن كان ما تريده الفتاة لا يؤذي أحدًا ولا يتعدى حدود الله فعليها أن تسهر جاهدةً محاولةً تحقيقه، لأن أي تعب وجهد يحدث فهو في النهاية فرحٌ وسعادة، “فالحياة نعيشها مرة واحدة فلاداعي لتضيعها لأجل أحدٍ يرفض ما تقومين به! لقد خلقنا الله في هذه الحياة نمرُّ بالمشقة والكَبد، فقومي بالجهد المضاعف لأجل ما تُحبين.. فإن كنتِ تحبين الموسيقى فاذهبي إليها، فلم يعد هناك شيءٌ غير متاح من المدارس أو المعاهد، افعلي أي شيء لتحقيق حلمكِ”.
من الأمور التي تمتنُّ لها الهاشمي هي دعم بلدها الإمارات لها ولكل شخص على أرضها، فبحسب قولها لولا الإمارات لما عرفها الناس ولما سمعها أحد؛ فقد خلقت بلدها فرص النجاح من جميع النواحي وفي كل مكان، وأوجَدت بيئة متكاملة للمبدع كي يطلق إبداعه، ولغير المبدع أيضًا بإعطائه الحس الإبداعي أينما ذهب.
تعدُ إيمان الهاشمي أول مُلحّنة إماراتية للأوركسترا بألحان كاملة من تأليفها، وتحاول إدخال الآلات الموسيقية الغربية مع الموسيقى الإماراتية الشعبية العريقة، “لقد قمنا بعمل نقلة من عصر لآخر وهذا تغيير في الذوق الموسيقي للشعب الإماراتي، وهي مهمّة غير سهلة؛ ونحن في بداياتنا ولابد أن تتظافر الجهود وتستمر حتى نصل إلى المرحلة التي يستمع فيها أي شخصٍ إلى موسيقانا فيعرف فورًا بأنها موسيقى إماراتية.. وهذه ليست جهود شخص واحد بل هي جهود جماعية، فكلّ فرد وكلّ فنان يقع على عاتقه تحقيق هذا الأمر… مثل السماء.. عندما يكون بها نجمة واحدة تكون جميلة.. لكن كلما ازدادت النجوم في السماء فإنها تزداد تألقًا ولمعانًا.. هكذا عندما أكون لوحدي، يكون شيئًا جميلًا كالنجم.. لكن عندما يكون هناك نجوم آخرون تكون السماء أجمل”.