في حضن الجبال الغافية على سحر الطبيعة وأشجار النخيل، وعلى طول الطريق المؤدي إلى مسافي ودبا، يقع وادي العبادلة الذي يمثل نموذجاً حياً على عراقة الماضي وملامح المستقبل.
وتشكل الزراعة الحرفة الرئيسية للأهالي في الوادي وهناك العديد من المزارع التي تنتج المانجو والطماطم والبقوليات، بالإضافة إلى إنتاجها المتميز من شجر النخيل الذي تتعدد أنواعه.
ويشجع على ذلك آبار المياه العذبة المتفجرة من باطن الأرض والتي يستخدمها الأهالي في ري المزروعات، كما اشتهر الوادي في الماضي بتربية النحل الذي ضرب بعسله المثل.
زائر وادي العبادلة يشعر بمتعة شديدة وهو يجتاز الطريق المؤدي إليه، قادماً من مسافي ليبدأ في الارتفاع بشدة حتى الوصول إلى ذروة الطريق ثم يبدأ في الانحدار، وتأسر الناظر أشجار النخيل والموز والليمون والجوافة وبعض الخضراوات المتنوعة.
التمتع بهذه المناظر الخلابة، يتطلب سلوك الطريق الممتد بين مسافي حوالي 15 كم، ودبا الفجيرة حوالي 30 كم، حيث يحيط بالوادي من جميع الاتجاهات عدد من الجبال الشاهقة، تعتبر امتداداً لسلسلة الجبال التي تحيط بالفجيرة التي يتبعها الوادي، وتتميز بغناها وألوانها الطبيعية، وذلك كما يقول أهل الوادي انه عائد إلى طبيعة محتوياتها وعناصرها الغنية بالمياه الجوفية .
اشتق اسم الوادي من قبيلة العبادلة الذين يسكنون الوادي الكبير ويشكلون أغلبية سكانها، حيث يبلغ مجموعهم ما بين 1000 و1300 نسمة، ويشاركهم الوادي منذ القدم قبائل الزيود، التي تربطهم ببعض وشائج المحبة والقربى المتينة، ويتميزون بكرمهم وشهامتهم.
وأهل وادي العبادلة تتنوع مهنهم ما بين أصحاب زراعة، وأصحاب الجبل، ومربي نحل العسل، ومنهم أصحاب المراعي والبوش، وكان لعسل المنطقة في السابق مزايا غير متوفرة اليوم، لتغير المناخ والمرعى، إضافة إلى أن البعض استورد أنواعاً من النحل الكبير، فكان يقضي على الأنواع الأخرى الأصغر منه .
ونوع الزراعة يتوقف على نوع التربة ومدى توفر المياه وموقع المزرعة في الوادي، وان توفرت جميع الشروط الملائمة للأهالي، يحرصون على زراعة جميع أنواع الخضراوات والفواكه مثل الخيار والكوسا والباذنجان والطماطم والبقوليات والمانجو والليمون، وأفضل الأوقات للبدء بزراعة هذه الأنواع، هو في هذه الفترة التي يبدأ فيها نجم سهيل بالظهور فتبدأ برودة التربة، ويعتدل المناخ.
وبالرغم من تمتع الوادي بالعديد من المظاهر الحياتية الحديثة، إلا انه يوجد ما ينغص عليهم حياتهم، ومنها فتحة الالتفاف في شارع دبا مسافي الجديد حيث تضطرهم إلى قطع ثمانية كيلومترات للوصول إلى مدينة دبا لشراء احتياجاتهم اليومية، على الرغم من تقديمهم اقتراحات لتقريب المسافة أو إنشاء دوار على الشارع لتقليل الوقت الذي يستغرقه ذهابهم إلى دبا، بالإضافة لحاجة الوادي إلى خدمات أساسية مثل الشوارع الداخلية المعبدة، ومدرسة، ومركز صحي لان المركز الأقرب لهم موجود في منطقة الحلاة، على بعد 9 كم تقريباً، ويعمل فيه ممرض وطبيب فقط.
كما أن أرض وادي العبادلة تتميز بوفرة المياه الجوفية والأفلاج، وبعض الينابيع الطبيعية، وأن المنطقة تتميز بسحر طبيعتها، ولا سيما في فصل الشتاء حيث تبدو للناظر كمزار سياحي تجري فيه الوديان وتتنوع ثمار أشجاره حيث كانت تتغذى في الماضي وعلى مدار فصول السنة على مياه الوادي.