يُصنف داء الصدفية ضمن أمراض المناعة الذاتية، حيث يصبح الجهاز المناعي نشطاً بشكل مفرط، ويقوم بمهاجمة الأنسجة السليمة في الجسم، ما ينتج عنه فرط بنمو خلايا الجلد بمعدل أسرع من الطبيعي، وتصل إلى الطبقة الخارجية من البشرة بسرعة كبيرة في غضون أيام قليلة.
وتندرج هذه الحالة ضمن قائمة المشكلات المزمنة التي تستمر أعراضها في الظهور والاختفاء مدى الحياة، وتجدر الإشارة إلى أن هذه الإصابة غير مُعدية ولا تنتقل إلى الآخرين عبر اللمس، ولا يوجد حتى الآن علاج للقضاء على الصدفية، ولكن يمكن التخفيف من حدتها عن طريق اتباع إرشادات مُقدمي الرعاية الصحية، وعيش نمط حياة صحي، والاعتناء بشكل جيد بالبشرة وتفادي المحفزات.
ووفقاً د. راهول تشودهاري، مختص الأمراض الجلدية: «إن داء الصدفية يمكن أن يُصيب أي شخص، ولكن تزيد فرص الخطر لمن لديهم تاريخ عائلي وراثي، وتستهدف بشكل أكبر البالغين من الجنسين عن الصغار ما بين 20 إلى 30 عاماً، وكبار السن ما بين 50 و60 عاماً، ويبلغ معدل انتشارها بشكل عام 2% حول العالم، وفي حال إصابة كل من الأب والأم بالصدفية، فإن نسبة إصابة الأبناء هي 50%، وتتناقص هذه النسبة إلى 16% في حال إصابة أحد الوالدين بها، وفي حال وجود أخ مُصاب فإن نسبة إصابة شقيقه بالمرض تبلغ 8%».
ويضيف: «يتعرض الأشخاص ممن يتناولون أدوية معينة أو يتبعون نمط حياة وعادات غير صحية كالتدخين وتناول الكحول، إلى زيادة خطر الإصابة بالصدفية، وكذلك الذين يعانون البدانة والتوتر وأمراضاً التهابية معينة وإصابات جلدية تحفّز ظاهرة كوبنر التي تظهر بسبب التعرض إلى ميكروبات معينة، مثل فيروس المليساء المعدية والفيروسات المسببة للثآليل، وبعد الاحتكاك بنباتات معينة مثل اللبلاب السام».
ويوضح د. تشودهاري، أن أبرز أعراض داء الصدفية يتمثل في ظهور بقع حمراء ملونة على الجلد مع قشور فضية، لاسيما على أسطح المرافق والركبتين وراحة اليدين وأخمص القدمين وفروة الرأس ومنطقة أسفل الظهر، إضافة إلى تأثير المرض في أظافر اليدين والقدمين، ما يؤدي إلى وجود حُفر صغيرة في الأظافر، وتغير لونها ونموها بشكل غير طبيعي، ويمكن أن يؤثر هذا الاضطراب أيضاً في المفاصل لثلث الحالات المصابة، وقد تتأثر راحتا اليدين وأخمص القدمين عند بعض المرضى.
ويبين د. تشودهاري، أن تشخيص الصدفية يتم عادة عن طريق الفحص السريري، وربما تتطلب بعض الحالات إجراء خزعة «أخذ عينة صغيرة من الجلد»، وفحصها تحت المجهر، لتحديد النوع الدقيق من المرض، ونفي غيره من الاضطرابات.
أعراض الإصابة
تلعب الأعراض دوراً مهماً في تحديد الإصابة، حيث تظهر لويحات الصدفية على المفاصل مثل المرفقين والركبتين، أنها تصيب أي منطقة من الجسم، بما في ذلك اليدان والقدمان والأظافر والرقبة والوجه وفروة الرأس والجذع، وفي بعض الحالات تكون مصحوبة بحكة، وفقاً للدكتورة شيماء إبراهيم مختصة الأمراض الجلدية.
وتتابع: «تتسبب الصدفية عند بعض المرضى في الإصابة بالتهاب المفاصل الصدفي بعدة سنوات، ويرافقها آلام وتيبُّس وتورم في المناطق المصابة، بما في ذلك أطراف الأصابع والعمود الفقري».
وتلفت إلى أن مرض الصدفية اضطراب جيني تحفّزه بعض العوامل البيئية التي تتمثل في: السمنة والتدخين والإفراط في تناول الكحوليات والضغط النفسي والتوتر والطقس البارد والجاف والإصابة بأحد الأمراض المناعية الأخرى مثل: مرض الأمعاء الالتهابي كداء كرون، وحالات العدوى كالتهاب اللوزتين بسبب البكتيريا المسببة لالتهاب الحلق العقدي، وتناول أنواع من أدوية علاج ضغط الدم، ومضادات الملاريا والليثيوم، وكذلك الجروح أو الخدوش أو لدغات الحشرات أو حروق الشمس الشديدة التي تُصيب الجلد.
مضاعفات
تشير الدكتورة سارة راشد، طبيبة الصحة العامة، إلى أن التهاب المفاصل الصدفي من أبرز المضاعفات التي تحدث نتيجة الإصابة بمرض الصدفية، وتستهدف نحو 30% من المرضى، ما يؤدي إلى تورم واحمرار مفاصل الأصابع والمرفقين والعمود الفقري، والشعور بتصلب شديد في الصباح عند الاستيقاظ، والالتهابات الناتجة عن ضعف وتوتر جهاز المناعة، ومهاجمة الجهاز اللمفاوي، وخطر التعرض لسرطان الغدد الليمفاوية.
وتضيف: «يؤدي التعامل مع حالة مناعة ذاتية كالصدفية إلى القلق والاكتئاب، وتشمل التأثيرات السلبية الأخرى، مشاكل العين كالالتهابات في الملتحمة والجفن والقزحية، ما يؤدي إلى احمرار العينين والرؤية الضبابية وحكة في فروة الرأس وتساقط الشعر وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب الإقفارية وتدلي الصمام التاجي والتهاب الأمعاء والاضطرابات الهضمية والتصلب المتعدد.
وتذكر د. سارة راشد أن علاج داء الصدفية يعتمد على إدارة العلامات المصاحبة للمرض، عن طريق وصف كريمات الستيرويد التي تحتوي على فيتامين (أ) أو الريتينويد، ومنتجات الترطيب للبشرة الجافة، واستعمال المستحضرات الطبية عند الاستحمام وغسيل الشعر، وفي حال عدم تحسن الأعراض أو انتشار الإصابة في 10% من الجلد أو أكثر، فإنه يجب التدخل الطبي باستخدام التقنيات الحديثة، كالعلاج بالضوء ذي الأطوال الموجية المحددة التي تقلل من التهاب الجلد، وتساعد على إبطاء إنتاج الخلايا، أو التعرض لأجهزة الأشعة فوق البنفسجية، كما تسهم أيضاً العلاجات المناعية الحديثة «الأدوية البيولوجية ومثبطات الجزيئات الصغيرة» التي تعمل على منع جهاز المناعة في الجسم، حتى لا يتسبب في حدوث رد فعل مناعي ذاتي.
وتنصح د. سارة راشد بضرورة تغيير نمط الحياة والوقاية من تطور أعراض الصدفية، من خلال الحفاظ على رطوبة الجسم والجلد، وتناول المزيد من الخضراوات الورقية، والمكسرات والحبوب الكاملة، وتقليل الأطعمة المصنعة والزيوت النباتية، وتجنب المأكولات المسببة للالتهابات مثل الألبان، والإقلاع عن التدخين وشرب الكحوليات، ويمكن تناول مكملات فيتامين (د) تحت إشراف الطبيب.
وتتابع: «يفيد أيضاً مرضى الصدفية التعرض في الصباح الباكر لأشعة الشمس، وممارسة التمارين بشكل منتظم وخاصة المشي لمسافات قصيرة، والحفاظ على الوزن السليم، وتجنب ارتداء الملابس الضيقة، والحرص على استخدام الأنواع المصنوعة من الألياف الطبيعية مثل القطن، وتجنب استعمال المنتجات التي تحتوي على مواد كيميائية قاسية، كالصابون والكريمات والعطور ومواد التنظيف، وارتداء القفازات أثناء القيام بالأعمال المنزلية».
وصفات طبيعية
يُعد داء الصدفية من المشكلات المرضية التي لم يُكتشف لها علاج نهائي حتى الآن، ولذلك تعتمد معالجتها على إدارة علامات الإصابة والحد من تطورها، حتى لا يتعرض المريض لمضاعفات ومخاطر جسدية تؤثر سلباً في حياته الاجتماعية والنفسية، وتشير الدراسات إلى عدد كبير من المرضى الذين يستعملون الأعشاب الطبيعية للتخفيف من الأعراض، إلى جانب الأدوية الموصوفة من الطبيب المعالج.
• يشتهر خل التفاح المُخفف بأنه أحد العلاجات الطبيعية الأكثر فعالية في تخفيف الحكة المصاحبة للصدفية، وخاصة التي تنتشر في فروة الرأس، مع ضرورة عدم وضعه على مناطق الجلد المجروح أو المتشقق.
• يساعد تناول الأسماك الدهنية التي تحتوي على زيت السمك أو أوميغا 3، مثل: السلمون والماكريل والسردين والتونة، على تخفيف حدة أمراض المناعة الذاتية، وينصح الخبراء بإدراجها في النظام الغذائي، وتناولها مرتين على الأقل في الأسبوع.
• يفيد وضع مستخلص زيت أوراق شجرة الشاي الأسترالية على الجلد، في تخفيف حجم الصدفية، ومنع عدوى الأنسجة التالفة.
• يسهم الكركمين المستخلص من الكركم، في تقليل التهاب الجسم، ويشتهر بفاعليته في التخفيف من نشاط الصدفية.
• يعد دقيق الشوفان من الطرق الفعالة في التخفيف من الحكة والاحمرار والالتهاب الناجم عن الصدفية، نظراً لاحتوائه على الفيتامينات والمعادن، مثل: السيلينيوم والمنغنيز والحديد الذي يعد مادة ممتازة للتغذية وتضميد الجلد المتضرر.