دعت دولة الإمارات إلى تعزيز نهج الوقاية على المستوى الدولي؛ لمعالجة التعصب والتطرف، وأكدت أهمية أن تسلط الاستراتيجية العالمية لمكافحة الإرهاب الضوء على هذه النهج الوقائية.
جاء ذلك خلال بيان الإمارات في الجمعية العامة بشأن استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب، ألقاه سالم الزعابي، مستشار وزير الخارجية، نشرته البعثة الدائمة للدولة لدى الأمم المتحدة على موقعها الإلكتروني، أمس.
اتجاهات ناشئة
وأكد الزعابي أهمية تسليط الاستراتيجية العالمية لمكافحة الإرهاب، الضوء بشكلٍ كافٍ على بعض الاتجاهات الناشئة، التي لا يمكن التغاضي عنها، عبر تعزيز نهج الوقاية على المستوى الدولي؛ لمعالجة التعصب والتطرف، قبل تطور هذه السلوكيات إلى أعمال إرهابية ونزاعات مسلحة، الأمر الذي يسهم في إنقاذ أرواح العديد من الأبرياء، ويعزز قدرة المجتمعات على الصمود.
وأضاف: إن «التركيز على قيم التسامح والتعايش السلمي والحوار هو السبيل لبناء مجتمعات تنعم بالسلام والازدهار، وتحتفي باختلافاتها الثقافية والعرقية والدينية».
وتابع: «الإرهاب ظاهرة عالمية معقدة، تتجاوز الحدود والثقافات والأديان، تتطلب مكافحتها نهجاً متعدد الأطراف والأبعاد، قادر على الاستجابة للأساليب المتطورة للجماعات الإرهابية، بل واستباقها».
وأكمل: «لهذا، نرى أن الاستعراض الذي نجريه كل عامين لاستراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب يكتسي أهمية بالغة، فهو يشكل فرصة لتقييم التقدم المحرز في تنفيذها ولتحديثها، بما يوائم التهديدات الإرهابية القائمة والناشئة».
تحديات جسيمة
وقال الزعابي: «أثبتت الأعوام الماضية جسامة التحديات المتصلة بمكافحة الإرهاب الدولي، بعد أن طالت أيادي الإرهابيين التقنيات الجديدة وتكنولوجيا المعلومات وحولتها إلى أداةٍ للتجنيد وحشد التمويل وشن هجمات أكثر تعقيداً وفتكاً وخطورة.
ونوّه باستخدام الجماعات الإرهابية الطائرات المسيرة، والأصول الافتراضية، والعملات الرقمية المشفرة والطباعة ثلاثية الأبعاد، إلى جانب استغلالهم تكنولوجيا المعلومات، ووسائل التواصل الاجتماعي، ومنصات الألعاب الإلكترونية؛ لنشر أفكارهم الهدّامة، «فما كانت النتيجة إلا أن نشهد انتشاراً خطيراً للتطرف، وخطاب الكراهية، والمعلومات المضللة المغلوطة، التي فككت المجتمعات وقوضت نسيجها الاجتماعي، وزادت من استهداف الأقليات الدينية والعرقية».
مسألتان مهمتان
وخلال كلمته، أكد الزعابي مسألتين مهمتين: «أولاً، لا ينبغي الاستهانة بقدرة التكنولوجيا المتطورة على تهديد السلم والأمن الدوليين في حال وقوعها في أيدي الجماعات الإرهابية».
«وثانياً، يجب أن تعكس الاستراتيجية العالمية هذا الواقع الجديد بتهديداته الملحة على نحو يتيح للمجتمع الدولي الاستجابة لها بفاعلية».
واستدرك قائلاً: «جعلت دولة الإمارات هذه المسألة في صدارة أولوياتها، محلياً وإقليمياً ودولياً، بما في ذلك من خلال جهودنا في هذه المنظمة، حيث يسرنا الإشارة إلى اعتماد مجلس الأمن منتصف هذا الشهر وبالإجماع القرار 2686 بشأن «التسامح والسلام والأمن الدوليين»، الذي قدمته بلادي مع المملكة المتحدة، ويقر بأن خطاب الكراهية والعنصرية والتطرف هي عوامل تؤدي إلى تضاعف التهديدات وإلى نشوب النزاعات وتفاقمها وتكرارها. كما أنه أول قرار يحث الدول والمنظمات الإقليمية والدولية على نبذ خطاب الكراهية والتطرف. كما يطالب القرار كيانات الأمم المتحدة ببلورة استجابة شاملة تتضمن رصد خطاب الكراهية والتطرف والإبلاغ عنهما ومعالجتهما، مع ضمان حماية حقوق الإنسان وتعزيزها».
مسيرة بناء
وقال الزعابي: إن التزام دولة الإمارات بتعزيز قيم التسامح والتعايش السلمي ليس وليد اللحظة، «إنما هو جزءٌ لا يتجزأ من مسيرة بناء الدولة واستشراف المستقبل. ولهذا، حرصنا على تسخير الأدوات وإنشاء المؤسسات وإطلاق المبادرات التي تختص بتحصين المجتمعات من آفتي التطرف والإرهاب وتُرسخ قيم التسامح على كافة المستويات المحلية والدولية، منها: دعم إنشاء مركز «هداية»، الذي يضطلع بدور مهم في تطوير حلول مبتكرة ووضع استراتيجيات عملية ومدروسة لمكافحة التطرف حول العالم».
وزاد: «تماشياً مع دعوة الجمعية العامة بإشراك المجتمع بأكمله في التصدي للإرهاب، تحرص دولة الإمارات على إشراك جميع الجهات الفاعلة في جهودها، بما فيهم المجتمع المدني، من نساء وشباب وقادة الدين، لدورهم المهم في تحصين المجتمع من براثن التطرف وآفة الإرهاب».
وأكمل: «علينا أن نظل يقظين تجاه التهديدات المتنامية للإرهاب، عبر مواصلة البناء على الزخم الذي ولدته استراتيجية الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب والأسبوع الرفيع المستوى لمكافحة الإرهاب». وتابع: «من خلال تضافر الجهود الدولية، سنتمكن من اجتثاث جذور التطرف والقضاء على الإرهاب وبناء مستقبل أفضل تنعم فيه شعوبنا بالاستقرار والازدهار».