افتتح في «السركال أفنيو» أول من أمس معرض «صنع في تشكيل 2023»، والذي يحتفي بمرور 15 عاماً على دوره في إثراء مشهد الفن والتصميم، وتعزيز ثقافة الاقتصاد الإبداعي للفنون البصرية في إمارة دبي ويتزامن المعرض مع افتتاح «ورشة الصناع».
وتعرض دورة هذا العام من المعرض الذي ينظمه مركز تشكيل، والتي تعد أكبر دورة في تاريخه، 350 عملاً بمشاركة 25 فناناً إماراتياً، ومواهب ناشئة من أكثر من 30 جنسية، بالإضافة إلى أعمال مخضرمين من أعضاء المركز القدامى ومدربين وفنانين مقيمين ومشاركين في الورش الفنية وعارضين سابقين.
ويطرح «صنع في تشكيل» تجارب ملهمة لمواهب وفنانين إماراتيين تميزت بتعدد التقنيات وإطروحات وكذلك الممارسات الفنية القائمة على البحث والتجديد، ومنها ما أعطى تفسيرات نوعية لعلاقة الإنسان بالبيئة المحلية، وترجمت أخرى ارتباط التراث والثقافة المحلية بذاكرة الفنان.
مفهوم القيمة
ويحتضن المعرض أعمال الفنان المفاهيمي الشيخ مكتوم مروان آل مكتوم، والذي يستكشف من خلال ممارسته الفنية مفهوم القيمة من خلال المواد الموجودة في البيئة الإقليمية، مسترشداً بالخبرة البشرية والسلوك والوقت والأيديولوجيات والمعتقدات واللغة، فيسعى إلى التشكيك في مفهوم القيمة. من خلال عمله التركيبي «حزمة ضوء – من قدر داره زاد مقداره».
وأكد الفنان أن العمل عبارة عن حقيبة سفر، بداخلها طباعة أكريليك مع إنارة أنبوبية و لوحة أشعة سينية، ويتضمن أشياء تنتمي إلى تراث دولة الإمارات خلال رحلة لزيارة مصنع في الهند، حيث تظهر الأشعة السينية ترابط القيمة بالتجربة الحياتية. وأشار إلى أن الأضواء الموجودة في الحقيبة تشي بالدفء على عكس برودة صناديق الإنارة القديمة في المستشفيات وبعيداً عن كل شيء، هذه الأشعة السينية تقوم بالفحص بطريقة تشوبها العاطفة.
وتدور سلسلة أعمال فنانة الوسائط الشيخة وفاء بنت حشر آل مكتوم في سياق الفن المفاهيمي أيضاً كونها تتعلق بفكرة أحلام الناس، وأشكال النضال والأسر والهروب التي يتشارك بها الأصدقاء والأفراد، وتقول وفاء: تضيء السلسلة على القواسم المشتركة التي جمعتنا خلال الإغلاق في فترة الجائحة، متمثلة في مشاعر التوتر والقلق والصمت والشعور بالاختناق والعزلة التي عاشها العالم في تلك الفترة. وتمثل هذه السلسلة رحلتي لاستكشاف تلك الأحلام والأفكار والعواطف.
ذكاء اصطناعي
وحول أعمالها التي استخدمت خلالها الوسائط المتعددة تقول الفنانة ميثاء دميثان: الذكاء الاصطناعي أداة جديدة يمكن للفنانين توجيهها والتحكم بمحتواها لإنشاء أعمال أصلية؛ أي احتضان التكنولوجيا، ولكن بلمسة إنسانية. أعتقد أن التكنولوجيا لا يمكنها ربط الفن بالجماهير بطريقة هادفة، والبشر هم الوحيدون القادرون على فعل ذلك، لكن عندما يتعاونان معاً، تحدث العجائب.
وأضافت ميثاء: كانت رحلتي مع الذكاء الاصطناعي مثيرة للغاية، مثل اختراع التصوير الفوتوغرافي بعد الرسم، فالبرامج المتوفرة في الوقت الحالي تحمل طابعاً أوروبياً بهيئتها، لذا فإن إنشاء أي محتوى أو نسخة عربية يمثل تحدياً. على سبيل المثال، إذا كانت هناك صورة لحيوانات عربية، فلابد لي من رفد التكنولوجيا بصوري الخاصة لتعليمها ابتكار الصورة التي أريد كما هو الحال في أعمالها التي تضمنها المعرض، وهي «فتاة في ضوء الشمس»، في حين أن العمل «غزال» قد تم تنفيذه عبر تقنية المسح الضوئي للطباعة الرقمية.
استحضار الذكريات
ومن جانب آخر قدم الفنان الذي ينتمي للمدرسة الواقعية في الرسم حمد الشامسي لوحة «حنين إلى علياء»، وهي تجسيد آسر للإرث الإماراتي والحنين إلى الماضي. تتزين اللوحة بالتلي التقليدي الذي يشع أناقة وجمالاً في إشارة إلى الهوية الثقافية الغنية التي تجسدها. ويقول الشامسي: يعد العمل بمثابة تذكير قوي بأهمية الحفاظ على التراث الثقافي وتكريم الجذور التي تشكل هوياتنا.
إرث عريق
وفى المحور ذاته تهيمن الشخصية التقليدية التي تستحضر جمال الماضي على اللوحات المائية للفنانة آمنة البنا، فتستخدم عادة ثلاثة ألوان أساسية مع لمسات من الحبر أو ورق الذهب، وتهدف من ذلك إلى تقديم التقاليد بأسلوب أكثر حداثة، كما في لوحتها «بو الشوك»، ويصور العمل وفقاً للفنانة آمنة سوار بو الشوك، وهو نوع من الحلي الذي يحمل نتوءات تشبه الأشواك. بالرغم من أن نتوءات هذه السوار ليست حادة إلا أنها قامت بتجسيده في لوحتها من خلال جرح على إصبع الفتاة بعد أن لمسته؛ وهي مبالغة يقصد بها توضيح معنى هذا السوار.
وتجسد أعمال الفنانة أمل الرميثي مضمون الحكايات الخرافية الشعبية في دولة الإمارات، وتحديداً من أسطورة «غبّة سلامة»، حيث تستولي الجنيات على مضيق هرمز. وكذلك لوحة «أم الدويس» هي مخلوق أسطوري من التراث الشعبي الإماراتي. تشتهر بعطرها الفواح وبأرجلها التي تشبه أرجل الحمار، في حين تشيد لوحة «عِشرة» للفنانة سلامة الفلاسي بالعلاقة الدائمة التي تربط الإماراتيين بطائر الصقر العتيد؛ الرمز الفريد لتقاليد استلهمتها الفلاسي من تجربتها الشخصية في قضاء الوقت مع والدها لتدريب الصقور.




