على الطريق الساحلي بين مدينتي دبا وخورفكان المطلتين على بحر العرب، يقبع مسجد البدية بالقرب من تل حجري صغير، وعلى بعد 35 كيلومتراً تقريباً شمال الفجيرة
التاريخ
تتميز القرية بذلك المسجد التاريخي، إلى جانب البرجين الأسطوانيين المجاورين المطلين عليها، اللذين كانا يستخدمان للمراقبة والحراسة، مثلهما مثل بقية الأبراج الأخرى المنتشرة في إمارات الدولة.
ويعود تاريخ بناء المسجد إلى عام 1446 وفق ما كشفت عنه نتائج الدراسة التي أجرتها إدارة التراث والآثار بالفجيرة، بالتعاون مع جامعة سيدني في أستراليا خلال موسم التنقيب 1997-1998، إذ أخذت عينات لمواد عضوية (فحم نباتي)، من تحت أسس جدران المسجد، وأجريت عليها تحاليل كيميائية بواسطة كربون 14، لتحديد التاريخ الزمني للمسجد..
وتصل مساحة المسجد الى 53 متراً مربعاً، تستوعب ما بين 50 و70 مصلياً.
وفي عام 2001 أجريت عملية ترميم شامل لمسجد البدية.
مسجد فريد
ويتميز المسجد، الذي يعد من أقدم المساجد في دولة الإمارات، بشكله المعماري المميز، الذي يجعل منه أقدم مسجد ماثل في الدولة، وهو أيضاً أقدم المساجد التي تقام فيها الصلوات حتى الآن. وسمي مسجد البدية بهذا الاسم نسبة إلى منطقة البدية التي يقع فيها، وهي قرية كبيرة من قرى إمارة الفجيرة. كذلك يطلق على المسجد اسم المسجد العثماني استناداً إلى عمارته، إذ توجد مساجد أخرى مشابهة له في شكله المعماري، في اليمن وسلطنة عمان، وثالث بدولة قطر هو الجامع القديم بالدوحة. ويعود تاريخ بناء المسجد إلى عام 1446، أي منذ 571 سنة، وفق ما كشفت عنه نتائج الدراسة التي أجرتها إدارة التراث والآثار بالفجيرة، بالتعاون مع جامعة سيدني في أستراليا خلال موسم التنقيب 1997-1998، إذ أخذت عينات لمواد عضوية (فحم نباتي)، من تحت أسس جدران المسجد، وأجريت عليها تحاليل كيميائية بواسطة كربون 14، لتحديد التاريخ الزمني للمسجد. والمسجد حالياً من المواقع الأثرية المهمة، وإلى جانب استقباله للمصلين في أوقات الصلاة الخمس، يجذب المسجد العديد من السياح الذين يتوافدون إليه
بساطة البناء
بني مسجد البدية بشكل بسيط من الأحجار والطين والجبس، وتبلغ مساحته 53 متراً مربعاً، ويستوعب ما بين 50 و70 مصلياً، ويتخذ شكلاً مربعاً متساوي الأضلاع، ويختلف عن المساجد الأخرى القديمة والحديثة من حيث مساحته الصغيرة، وطريقة بنائه وعنصره المعماري والإنشائي في التسقيف، إذ لم تستخدم الأخشاب في رفع سقفه، بل يعتمد على عمود في وسطه، ويحمل هذا العمود قباب المسجد الأربع في نظام هندسي بديع.
وتتسم قباب المسجد بأنها غير متساوية في الحجم، وكل قبة مكونة أصلاً من ثلاث قباب مركبة الواحدة فوق الأخرى، فهناك قاعدة القبة الكبيرة أولاً، ثم عليها قبة أصغر، فثالثة ذات رأس دقيق، وهذه القباب متجاورة لا تبعد الواحدة عن الأخرى كثيراً، ويحمل هذه القباب الأربع عمود وسطي واحد هو العمود الرئيس، فيما توجد أعمدة جانبية صغيرة أخرى، وتستند إلى قمة العمود الوسطي أسس البناء وقواعد سقفه التي تحمل القباب الأربع في نظام هندسي بديع، ويبلغ طول ضلع المسجد 15 ياردة، وله باب واحد، في حين يتكوّن محرابه من فسحة بطول ياردتين وعرض ياردة واحدة.
أما المنبر فمكون من سلم به ثلاث درجات للأعلى، وتحمل جدران المسجد بعض آثار لنقوش وزخارف طمست معالمها بفعل الأيام، والواضح منها يشبه أسنان المنشار.
وتتضمن الجدران فتحات يدخل منها الضوء وكوات لوضع المصابيح، وتحتوي على زخارف بارزة تسمى «مقرنصات» في أركان الجدران المتصلة بالقباب، وفي الخارج يتميز المسجد بشريط زخرفي جصي أعلى جدران المدخل، وتتميز زخارفه بتنوعها وبساطتها.
ترميم شامل
ونظراً لأهميته الكبيرة؛ أجريت عملية ترميم شامل لمسجد البدية في عام 2001، واعتمد الترميم على أسس علمية ودراسات تاريخية، إذ تم إجراء مسح دقيق لمكونات البناء، كتحليل العناصر المعمارية، بالإضافة للدراسة الإنشائية كالكشف على الأساسات، وتحليل مواصفات مواد البناء، ودراسة حالات التشققات، وتشخيص حالة المواد داخل حدود المسجد وخارجها، وفي محيط الفناء والجدار الخارجي. وبدأت عملية الترميم بتحديد الإطار العام لمجال العمل المتعلق بقاعة الصلاة، حيث تم ترميم الأساسات والجدران والأعمدة والتكسية الأرضية والجدارية، وفق مراحل متتالية ومتتابعة حسب أولويات تشخيص الحالة بالتنسيق مع برنامج عمل المشروع. وبشكل عام يوجد في الإمارات 6527 مسجداً في الإمارات، وكان الاعتقاد السائد أن مسجد البدية هو أقدمها، ولكن كشفت موسوعة «مساجد الإمارات» عن وجود آثار لأول مسجد في الدولة بني في مدينة العين، إذ تبين الآثار أن مسجداً في العين يعد الأقدم في الإمارات.